ِفى الهجاء بين جرير و الفرزدق
قال جرير:
إنَّ الفرزدقَ أخزتهُ مثالبهُ............ ...عبدُ النهارِ وزاني الليلِ دبابُ
لا تهجُ قيساً ولكنْ لوْ شكرتهمْ ...........إنَّ اللئيمَ لأهلِ السروِ عيابُ
قيسَ الطعانِ فلا تهجو فوارسهمْ.......... لحاجِبٍ وَأبي القَعقاعِ أرْبَابُ
هُمُ أطْلَقُوا بَعدَما عَضّ الحديدُ به ....عَمرَو بنَ عَمْرٍو وبالسّاقَينِ أندابُ
أدوا أسيدة َ في جلبابِ أمكمُ............. غصباً فكانَ لها درعٌ وجلبابُ
مُجاشِعٌ لا حَيَاءٌ في شَبيبَتِهِمْ............. و لا يثوبُ لهمْ حلمٌ إذا شابوا
شَرُّ القُيُونِ حَديثاً عِنْدَ رَبّتِهِ............. قَيْنا قُفَيرَة َ: مَسْروحٌ وَزَعّابُ
لا تتركوا الحدَّ في ليلى فكلكمُ.... من شأنِ ليلى وشأنِ القينِ مرتابُ
فاسألْ غمامة َ بالخيلِ التي....... شهدتْ كأنّهُمْ يَوْمَ تَيْمِ اللاّتِ غُيّابُ
لكِنْ غَمَامَة ُ لَوْ تَدْعو فَوَارِسَنا....... يومَ الوقيطِ لما ولوا ولا هابوا
مجاشعٌ قد أقرُّ كلَّ مخزية َ ..........لا مَنْ يَعيبُونَ لا بلْ فيهمُ العابُ
قالَتْ قُرَيْشٌ وَقَد أبلَيتُم خَوَراً.......: ليستْ لكمْ يا بني رغوان ألبابُ
هَلاّ مَنَعتُمْ مِنَ السّعديّ جارَكُمُ...... بالعرقِ يومَ التقى بازٍ وأخرابُ
أقْصِرْ فإنّكَ ما لمْ تُؤنِسُوا فَزَعاً....... عِندَ المِرَاءِ خَسيفُ النُّوكِ قَبقابُ
فاسألْ أقومكَ أم قومي هم ضربوا.... هامَ الملوكِ وَ أهلُ الشركِ أحزابُ
الضّارِبِينَ زُحُوفاً يَوْمَ ذي نَجَبٍ،...... فيها الدروعُ وفيها البيضُ والغابُ
منا عتيبة ُ فانظر منْ تعدلهُ............. و الحارثانِ ومنا الردف عتابُ
منا فوارسُ يومِ الصمدِ كان لهمْ...... قتلى وأسرى وأسلابٌ وأسلابُ
فاسألْ تَميماً مَنِ الحامُونَ ثَغرَهُمُ....... وَالوَالجُونَ إذا ما قُعْقِعَ البَابُ
فأجابه الفرزدق:
وَدّ جَرِيرُ اللّؤمِ لَوْ كَانَ عانِياً،........... ولَمْ يَدنُ منْ زَأرِ الأسودِ الضّرَاغمِ
فإنْ كُنتُما قَدْ هِجتُماني عَلَيكْمَا............... فلا تَجَزَعَا وَاسْتَسمِعا للمُرَاجِمِ
لمِرْدَى حُرُوبٍ مِنْ لَدُنْ شدَّ أزْرَهُ......... مُحامٍ عن الأحسابِ صعَبِ المَظالِمِ
غَمُوسٍ إلى الغاياتِ يُلْفَى عَزِيمُهُ،........... إذا سَئِمَتْ أقْرَانُهُ، غَيرَ سَائِمِ
تَسُورُ بِهِ عِنْدَ المَكَارِمِ دارِمٌ،............... إلى غايَةِ المُسَتَصْعَباتِ الشّداقِمِ
رَأتْنَا مَعدُّ، يَوْمَ شَالَتْ قُرُومُها،............. قِياماً على أقْتَارِ إحْدَى العَظائِمِ
رَأوْنَا أحَقَّ ابْنيْ نِزَارٍ وَغَيْرِهِمْ،............... بإصْلاحِ صَدْعٍ بَيْنَهُمْ مُتَفاقِمِ
حَقَنّا دِمَاءَ المُسلِمينَ، فأصْبَحَتْ لَنَا........... نِعْمَةٌ بُثْنى بهَا في المَواسِمِ
عَشِيّةَ أعْطَتْنَا عُمَان أُمُورَهَا،................. وَقُدْنَا مَعدّاً عَنْوَةً بِالخَزَائِمِ
وَمِنّا الّذِي أعْطَى يَدَيْهِ رَهينَةً............ لغارَيْ مَعَدٍّ يَوْمَ ضَرْبِ الجَماجمِ
كَفَى كُلَّ أُمٍّ ما تَخافُ على ابْنِها،.............. وَهُنّ قِيَامٌ رَافِعاتُ المَعاصِمِ
عَشِيّةَ سَالَ المِرْبَدانِ كِلاهُمَا ..........عَجاجَةَ مَوْتٍ بالسّيُوفِ الصّوَارِمِ
هُنالِكَ لَوْ تَبغي كُلَيباً وَجْدْتَهَا................ بِمَنْزِلَةِ القِرْدانِ تَحْتَ المَناسِمِ
وَمَا تَجعَلُ الظِّرْبَى القِصَارَ أُنُوفُها.... إلى الطِّمّ من مَوْجِ البحارِ الخَضَارِمِ
لهَامِيمُ، لا يَسطِيعُ أحمالَ مثلِهمْ............ أنُوحٌ وَلا جاذٍ قَصِيرُ القَوائِمِ
يَقولُ كِرَامُ النّاسِ إذْ جَدّ جِدُّنا.........، وَبَيّنَ عَنْ أحْسَابِنَا كُلُّ عالِمِ
عَلامَ تَعَنّى يا جَرِيرُ، وَلمْ تَجِدْ............ كُلَيْباً لهَا عَادِيّةٌ في المَكَارِمِ
وَلَسْتَ وَإنْ فَقَّأتَ عَيْنَيكَ وَاجداً..... أباً لَكَ، إذْ عُدّ المَساعي، كدارِمِ
هوَ الشّيخُ وَابنُ الشّيخِ لا شَيخَ مثلَه، أبُو كُلّ ذِي بَيْتٍ رَفِيعِ الدّعَائِمِ
تَعنّى مِنَ المَرّوتِ يَرْجُو أرُومَتي..... جَرِيرٌ على أُمّ الجِحاشِ التّوَائِمِ
وَنِحْياكَ بالمَرّوتِ أهوَنُ ضَيْعةً،.. وَجَحشاكَ من ذي المأزِقِ المُتَلاحِم
فَلَوْ كُنتَ ذا عَقْلٍ تَبَيّنْتَ أنّما........... تَصُولُ بِأيْدِي الأعجَزِينَ الألائِمِ
نَماني بَنُو سَعْدِ بنِ ضَبّةَ فانتَسِبْ...... إلى مِثْلِهِمْ أخوَالِ هاجٍ مُرَاجِمِ
وَضَبّةُ أخْوَالي هُمُ الهَامَةُ الّتي........... بهَا مُضَرٌ دَمَاغَةٌ للجَمَاجِمِ
وهَلْ مِثْلُنا يا ابنَ المَرَاغَةِ إذْ ....دَعَا إلى البَأسِ داعٍ أوْ عِظامِ المَلاحِمِ
فَما مِنْ مَعَدّيٍّ كِفَاءً تَعُدُّهُ لَنا ............غَيرَ بَيْتَيْ عَبدِ شَمسٍ وَهاشِمِ
وَما لَكَ مِنْ دَلْوٍ تُواضِخُني بهَا، .....ولا مُعِلِمٍ حَامٍ عَنِ الحيّ صَارِمِ
وَعِنْدَ رَسُولِ الله قام ابنُ حابسٍ....... بُخطّةِ سَوّارٍ إلى المَجْدِ حازِمِ
لَهُ أطْلَقَ الأسْرَى الّتي في.......... حِبَالِهِ مُغَلَّلَةً أعْنَاقُهَا في الأداهِمِ
كَفَى أُمّهَاتِ الخائفِينَ عَلَيْهِمُ ......غَلاءَ المُفادِي أوْ سِهَامَ المُسَاهِمِ
فَإنّكَ وَالقَوْمَ الّذِينَ ذَكَرتَهُمْ............ رَبِيعَةَ أهْلَ المُقْرَباتِ الصّلادِمِ
بَناتُ ابنِ حَلاّبٍ يَرُحْنَ عَلَيْهِمُ....... إلى أجَمِ الغابِ الطّوَالِ الغَوَاشِمِ
فعلا وَأبِيكَ الكَلْبِ ما مِنْ مَخافَةٍ..... إلى الشّأمِ أدّوْا خالِداً لمْ يُسالِمِ
وَلكِنْ ثَوَى فيهِمْ عَزِيزاً مكَانُهُ .....على أنْفِ رَاضٍ من مَعَدٍّ ورَاغِمِ
وَما سَيّرَتْ جاراً لهَا من مَخافَةٍ،.. إذا حَلّ من بَكْرٍ رُؤوسَ الغَلاصِمِ
بِأيّ رِشَاءٍ، يا جَرِيرُ، وَمَاتِحٍ.......... تَدَلّيْتَ في حَوْماتِ تِلْكَ القَماقِمِ
وَما لكَ بَيْتُ الزَّبَرْقَانِ وَظِلّهُ؛...... وَما لكَ بَيْتٌ عِندَ قَيسِ بنِ عاصِمِ
وَلكِنْ بَدا للذّلِّ رَأسُكَ قاعِداً،............ بِقَرْقَرَةٍ بَينَ الجِداءِ التّوَائِمِ
تَلُوذُ بأحقَيْ نَهشَلٍ من مُجاشِعٍ.......... عِيَاذَ ذَليلٍ عارِفٍ للمَظالِمِ
وَلا نَقتُلُ الأسرَى وَلكنْ نَفُكُّهمْ..... إذا أثْقَلَ الأعناقَ حَمْلُ المَغارِمِ
فَهَلْ ضَرْبَةُ الرّوميّ جاعِلَةٌ لكمْ..... أبا عَنْ كُلَيْبٍ أوْ أباً مِثلَ دارِمِ
فَإنّكَ كَلْبٌ مِنْ كُلَيْبٍ لكَلْبَةٍ.......... غَذَتْكَ كُلَيبٌ في خَبيثِ المَطاعِمِ