يسلك طريق الإنشاد بلا عودة إلى الوراء
حوار ...
محمد المازم ..
ربحت السعادة
بدأ عدد من القنوات الفضائية عرض الفيديو كليب الأول من ألبوم “البداية” للفنان الإماراتي محمد المازم الذي قرر تغيير خطه الفني والاتجاه نحو الغناء الديني الملتزم.. حيث احتوى الألبوم خمس أغنيات هي: “يا حبيبي يا محمد، وكما تدين تدان، ومناجاة ليل، والحسود، وذكرك بلسم”.. وتعاون في الكلمات مع عدد من الشعراء الذين سبق له التعاون معهم وقام هو بتلحين معظم الأغنيات.
حوار: جميلة إسماعيل
جريدة الخليج الإماراتيه
محمد المازم اختار “البداية” اسماً للألبوم دون أن يكون ذلك عنواناً لإحدى الأغنيات التي يحتويها الشريط كدلالة على بدايته الجديدة في طريق مختلف.. وهي خطوة كان قد قررها قبل حوالي العام تقريباً، بعد إصدار آخر ألبوماته الغنائية مع شركة روتانا للصوتيات والمرئيات، التي بدورها احترمت اختيار المازم الجديد بالتوجه الى مثل هذه النوعية من الإنشاد.
ما أسباب توجهك الجديد؟
بعد عشرين عاما قضيتها في المجال الفني بين الغناء وإحياء الحفلات والمشاركة في المهرجانات أيقنت أن ما أقدمه من فن أقرب ما يكون إلى الإسفاف.. فذلك النوع من الغناء بات يركز على الحب والغرام فقط لا غير وهو الموضوع الوحيد الذي يتناوله الفيديو كليب الذي يؤثر في عقول الشباب.. فيظنون أن الحب هو الغاية الأسمى في حياتهم وأن الحب هو الحل لكل المشاكل التي سيواجهونها وهذا بالتأكيد غير صحيح، فالتفكير السليم والتخطيط المسبق والإصرار هو المخرج من المشاكل التي ستواجهها وليس الحب الأعمى.. وكنت بعد إصداري لكل ألبوم أجلس جلسة محاسبة ذاتية مع نفسي، وأطرح على نفسي أسئلة متنوعة أهمها: “ما الفائدة التي أوصلها للناس والمجتمع من خلال هذه الأعمال الغنائية والفيديو كليب”؟ وأتألم كثيرا باكتشافي أن ما أقدمه عبارة عن رقصات، وأزياء، في مشاهد تبتعد كثيراً عن مفهوم الغناء.. فما قدمته سابقا كله شر ومعول هدم.. كما أن توجهي الجديد لم ينبع أبدا من تأثري بأي شخص.
يقولون: إن الفنان محمد المازم لم يحقق الشهرة المرجوة في الغناء فتوجه نحو الإنشاد؟
بالعكس تماما فشهرة محمد المازم استمرت كما قلت عشرين عاما، بدأت في عام 1983 ما بين أغان وطنية واجتماعية وعاطفية، ومنذ ذلك الحين وأنا أصدر في كل عام شريطا جديدا.. وسبب توجهي الجديد هو يقيني التام بضرورة تقديم الرسالة الحقيقية للفن الهادف.
وما الرسالة الحقيقية للفن؟
الرسالة الحقيقية للفن هي وضوح الهدف ومدى الفائدة التي يجب توصيلها للمجتمع، وعليه فإن الهدف والقيمة لا بد أن يكونا جوهرا أساسيا في العمل الفني سواء على المسرح أو في التلفاز، وهذا لا يأتي إلا من خلال الكلمة القوية والنظيفة.. وهو عكس الفن الهابط الذي يدعو إلى مزيد من التهريج المدعوم من قبل العديد من الفضائيات العربية والتي كان من الأجدر بها أن تقدم عملاً راقياً.
ما ردة فعل أسرتك إزاء هذا التوجه الجديد؟
بصراحة نشأت ضمن أسرة ملتزمة دينيا، وأنا الشخص الوحيد الذي انتهجت النهج الفني.. فبكل تأكيد فرحوا كثيرا بتوجهي الجديد.
هلا حدثتنا عن إصدار “البداية”؟
تضمن الألبوم الإنشادي “البداية” خمسة أناشيد هي “يا حبيبي يا محمد” من كلمات سالمين المنصوري وألحاني، وأضفت أنشودتين أيضاً من ألحاني هما “الحسود” و”ذكرك بلسم” وهما من كلمات سعيد بن عديل، وأنشودة “كما تدين تدان” من أشعار سعيد بن عديل وألحان مغرم وتر، وأنشودة “مناجاة ليل” من كلمات وحيدة وألحان مغرم وتر أيضاً. قدمت الأناشيد الجديدة على شكل إصدارين منفصلين، جاء الأول بمصاحبة الموسيقا التي قام بتوزيعها محمد صالح وبغلاف يحتضن صورتي الشخصية، والثاني من دون موسيقا وبأداء صوتي فقط، وبغلاف مختلف يكمن في لوحة فنية معبرة عما يحتويه الألبوم.
ما أهمية تصوير أناشيدك بطريقة الفيديو كليب؟
تعتبر أناشيد الفيديو كليب آخر المراحل الحالية التي يمر بها النشيد اليوم، بل تعتبر أقوى المراحل في تاريخ النشيد الإسلامي كله، لأن الفيديو كليب هو الأكثر عرضاً وقبولاً لدى الجماهير، ويعتبر البعض أن عصرنا هو عصر الصورة، ولا يوجد منافس لها.
هل سيتأثر محمد المازم ماديا إزاء التوجه الجديد؟
لا أبدا.. فانطلاقتي الجديدة أعتبرها “تجارة مع الله” وكما قال الحبيب المصطفى “من ترك شيئاً لله عوضه الله خيرا منه” وبهذا اكتسبت نفسا تسودها الطمأنينة وصحوة الضمير وهمة عالية تسعى إلى تقديم الموضوعات الهادفة ذات القيمة الإنسانية والدينية اللائقة.. على عكس الفن السابق الذي كان يثير الغرائز ويلهي الشباب.. علاوة على ذلك فإن الجمهور أيضا متلق لما تعرضه هذه الفضائيات ومضطر لمشاهدتها، فإذا قدمت له المحتوى الهادف ستساعده في الارتقاء بذوقه، ومن ثم لا بد أن يكون للقائمين على هذه الفضائيات ذوقهم الراقي، خصوصاً في اختيارهم لما يعرضونه على الشاشة للناس، لذلك أشعر أنني لم أخسر شيئاً لكنني ربحت السعادة والدنيا بما فيها وأتمنى أن أربح الآخرة، أما الغناء فلم يعد يعني لي شيئاً.
ما إحساسك حينما تشاهد أغانيك الماضية تعرض على بعض الفضائيات؟
بصراحة أشعر بالحزن والضيق لأني كما قلت لم أقدم شيئا مفيدا، وأناشد الفضائيات بعدم عرضها.
برأيك إن أردت تركيب ألحان أغانيك السابقة على الأناشيد الحالية هل ستكون مثار جدل؟
ليس من الخطأ أن يقدم المنشد شيئاً ويثير جدلاً أو ردود أفعال، وإنما وجود الجدل يعني أن الفيديو كليب الذي قدمته مُشاهَد من قبل الجمهور، وأن محمد المازم مُتابَع من قبل الناس.. ولو كان غير ذلك لما حدث هذا الجدل.. وأنا بصراحة أحب أن أقدم الشيء الجديد.. وهذا من حق الفنان.
هل سيعود الفنان محمد المازم إلى مجال الفن الغنائي مجددا؟
بعد توجهي الجديد لا يمكن عودتي أبدا للفن السابق الذي استقطب شرائح كبيرة من الجمهور، نظراً لسهولة حفظ الأغنيات ولعبها على الكلام المبطن.. لذا أسأل الله الثبات، وأسألكم الدعاء.
كيف ترى حال الفن على الفضائيات الآن؟
مليئة بالإسفاف والمشاهد الخليعة وتجد من يقول “هذا هو الفن” وندخل نحن كفنانين ملتزمين في مقارنة، مع آخرين يقدمون غناء هابطاً، واختلط الحابل بالنابل كما يقال، فلا بد من التفريق بين هذا وذاك.
وهل من تعليق على الرسائل النصية التي يكتبها الشباب من خلال الفضائيات؟
ما يحدث على الفضائيات الهابطة ينذر بكارثة تناقض قيمنا العربية والإسلامية وتهدد أخلاق أبنائنا وبناتنا جراء الدردشة عبر الرسائل النصية القصيرة التي أكدت شريحة واسعة من الشباب والشابات أنها “طيش شباب” ليس له معنى لأن نصها يخدش الحياء بالعبارات البعيدة عن قيمنا لاسيما أنها تبث على الهواء مباشرة دون رقابة، ناهيك عن الفواتير التي تصل إلى آلاف الدراهم خلال شهر واحد بسبب الرسائل. الظاهرة لاشك “قنبلة موقوتة” فتيلها قابل للاشتعال بين الفينة والأخرى، وعلينا قبل فوات الأوان وقف زحفها بتشفير تلك الفضائيات أو توعية الأبناء على خطورة المساهمة أو الترويج أو التعامل مع هذه القنوات حرصا على غدهم الواعد.
عودة إلى الغناء، ما رأيك في فوضى الفيديو كليب وكيف نحمي أولادنا منها؟
لا بد من المقاومة التي تنطلق من الفنانين أولاً، الذين عليهم دور في تقديم فن إيجابي يخدم سلوك وقيم الإنسان.. فالأسرة بمفردها لن تنجح بفرض الرقابة لأنني إذا منعت ابنتي أو ابني سيكون بإمكانهما مشاهدة ما يحلو لهما على الإنترنت أو في منزل صديق.. لذلك علينا أن نقدم البديل الجيد حتى ينصرف الأبناء عن رؤية السيئ.. وعلى الأب والأم مصادقة الصغار والاقتراب منهم لإيصال النصائح لهم حول خطورة بعض الأعمال الدخيلة على قيمنا وعاداتنا.
وهل للغرب دور فيما يجري؟
أظن أن الدول الغربية تريد أن نظل، كعرب ومسلمين، مستهلكين لكافة الأشياء بطريقة سلبية دون إحسان استغلال ما في أيدينا ولو للحظة واحدة.
إذا جاءتك دعوات لحضور حفلات أو مهرجانات لأصدقائك الفنانين فهل ستحضرها؟
لا مانع من حضوري لحفلات ومهرجانات زملائي الفنانين مادامت هادفة ومفيدة وذات قيم راقية.. كما أن علاقتي بهم علاقة أخوة واحترام، ومازال بيننا تواصل حتى الآن ونسأل عن بعض.
التوجه الجديد لمحمد المازم ما مدى تأثيره في “اللوك”؟
لماذا لا نؤمن جميعا أن ديننا هو دين الجمال والسماحة.. فالله جميل يحب الجمال، وهي قاعدة نبوية ومقصد ديني إلى تلمّس الجمال في الكون، وطلبه في الحياة، وإيجاده في النفس، وتأمّله في الخيال عندما تنعدم صوره في الوجود.. ولا أظن نفساً سوية إلاّ وتعشق الجمال.. إذا فاهتمامي “باللوك” في توجهي الجديد إنما هي رسالة للناس لا سيما الغرب بأن الإسلام هو دين الجمال والتيسير لا العكس.
هل بدأت علاقتك مع المنشدين والمشاركة في المهرجانات الإنشادية؟
نعم.. لي علاقات طيبة مع بعض المنشدين مثل محمد الحسيان وأسامة الصافي وقد شاركت معهما في مهرجان بمناسبة إحياء ذكرى المولد النبوي، ولا أمانع أبدا من المشاركة حاليا في المهرجانات والحفلات التي توصل أسمى القيم وأعذب المعاني للجمهور.
هل تنوي مواصلة التعاون مع الشعراء الذين تعاملت معهم في ألبوماتك الغنائية السابقة؟
سأتواصل معهم، بل إن بعضهم أبدى استعداده الكامل للتعاون معي من أجل تقديم شيء هادف فيه خدمة المجتمع.
برأيك هل النشيد قادر على ملء الفراغ لدى الأجيال العربية؟
النشيد قادر على ملء الفراغ والتوفير أيضاً، إذا وصل إلى المتلقي بطريقة سلسة ومحترفة وهادفة في نفس الوقت.
كلمة أخيرة يوجهها المازم لجهوره عبر الخليج؟
أرجو أن يقبلوا اعتذاري عن أي عمل قدمته ولم يفدهم في شيء، واضعا بين أيديهم ألبوم “البداية” متمنياً أن ينال استحسانهم وإعجابهم، وطالباً منهم الدعاء لي بالثبات والتوفيق في توجهي الجديد.