يضم متحف طيبة الامام فى محافظة حماة لوحة فسيفسائية تعد من أهم وأجمل وأكبر لوحات الفسيفساء فى العالم قديما اذ انها ترقى إلى القرن الخامس الميلادى وعليها رسومات وأشكال لها رموزها ودلالاتها التاريخية والحضارية والاثرية.
وتمتاز لوحة فسيفساء طيبة الامام التى يعود تاريخها الى/242/ميلادية والتى تم اكتشافها من قبل مديرية اثار حماة بين عامى/1985/و/1987/ ميلادية بجمالها وأسلوبها الزخرفى والهندسى الاستثنائى حيث تعد واحدة من أجمل وأروع الاعمال الفسيفسائية القديمة المكتشفة فى سورية.
ونظرا للاهمية الكبيرة التى تحملها اللوحة فنيا وتاريخيا فقد قامت المديرية العامة للاثار والمتاحف بالتعاون مع الحكومة الايطالية باشراف معهد فرانسيسكان بتشييد متحف فى محيط اللوحة يتيح الفرصة للزوار والسائحين الاطلاع ومشاهدتها من جميع الجهات والنواحي.
وقد استمر العمل في بناء المتحف 9 أشهر حيث جرى في البداية ترميم اللوحة واعادة تثبيت بعض قطع الفسيفساء التى تحويها ثم تم تشييد المبنى المحيط باللوحة بهدف حماية أرضية الفسيفساء تمهيدا لاستكمال أعمال الترميم التى ستجرى على اللوحة خلال العام المقبل والتى تتطلب وقتا وجهدا كبيرين نظرا لامتداد اللوحة وصغر حجم المكعبات التي تتضمنها.
ويقول مسؤول فى مديرية المتاحف بحماة انه تم تزويد المتحف الذي بلغت تكلفته نحو 13 مليون ليرة سورية بلوحات الدلالة ومختلف الشروحات التي تدل على القيمة التاريخية ومعانى الكتابات والرسوم والاشكال الفنية الموجودة فى اللوحة الفسيفسائية اضافة الى تصميم مخطط تخيلى يظهر ما كانت عليه الكنيسة قديما.
وتشير المصادر التاريخية الى أن انجاز هذه اللوحة استكمل عام 442 ميلادية فى عهد دومنوس أسقف حماة انذاك وبمساعدة المحسنين من الكهنة أمثال ابيفانوس وفالنته والموءمنين الكسندرا وتيودوسيو وبارموتوس وكارتيرياتيا وعائلاتهم وسميت هذه الكنسية على اسم القديسين الشهداء وابرز ما يمكن مشاهدته فى الرواق الشمالى رسم يصور وصول ذخائر لصور القديسين محملة على بغلين الى جانب مشاهد الرعى والصيد والطيور العديدة التى تنسجم مع الموضوعات الزراعية والبيئية التى كانت سائدة انذاك.
كما تتميز اللوحة التى تزيد مساحتها على 600 متر مربع باحتوائها على صور ل28 بناء كنسيا تزين الارضية على شكل بازيليكيات وعلى شكل صليب الى جانب الاسطح والقباب والابرلج الشبيهة بالكثير من الابنية القديمة التى يمكن مشاهدتها حتى الان فى سورية.
من أكثر المشاهد التي تتضمنها اللوحة اثارة للاهتمام ذاك الذي يزين الجهة الشرقية من اللوحة حيث يمكن رؤية جنة السلام والخلد مرموزا لها بمدينتى القدس وبيت لحم كما جاء فى سفر الروءية وفى وسطها يظهر الحمل المنير الذى يضىء وطائر الفينيق ذو الدلالة الدينية فى تلك الفترة التاريخية وكتابات تشير الى أنهر الجنة الاربعة وهى جيحون وسيحون ودجلة والفرات وستة نصوص باللغة اليونانية تواكب زخرفة اللوحة ثلاثة منها فى الرواق الشمالى وواحد فى الرواق الجنوبى والى جانب ذلك هناك صورة لمدينتى القدس وبيت لحم.
وتوحى هذه اللوحة الفسيفسائية النادرة التى لا يوجد لها مثيل فى العالم لأي مرء يتأملها ادراك مدى براعة وثقافة الفنان الذى صنعها والمستوى الفنى والابداعى السورى الراقى فى تلك الحقبة التاريخية باعتبار أن لكل رسم وشكل فيها دلالة وقيمة فلسفية ومعنوية كبيرة.