أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحرم القَرشي الدمشقي الملقب بابن النفيس ويعرف أحياناً بالقَرَشي بفتح القاف والراء نسبة إلى بلدة (القرَش) التي تقع بقرب دمشق . (607هـ/1213م، دمشق - 687هـ/1288 م) هو عالم وطبيب عربي مسلم، له مساهمات كثيرة في تطور الطب، ويعد مكتشف الدورة الدموية الصغرى ويعتبر من رواد علم وظائف الأعضاء في الإنسان، حيث وضع نظريات يعتمد عليها العلماء إلى الآن. عين رئيس أطباء مصر.[1][2] ويعتبره كثيرون أعظم شخصية طبية في القرن السابع الهجري.
نسبه ونشأته
ولد بدمشق في سوريا عام 607هـ على وجه التقريب ونشأ وتعلم بها وفي مجالس علمائها ومدارسها [3]، وقيل أن اسمه القَرشي نسبة إلى القرش، ذكر ابن أبي أصيبعة أنها قرية قرب دمشق [4]. وتذكر دائرة المعارف الإسلامية أنه ولد على مشارف غوطة دمشق، وأصله من بلدة قُريشية قرب دمشق [5]. تعلم في البيمارستان النوري بدمشق. كان ابن النفيس معاصراً لمؤرخ الطب الشهير ابن أبي أصيبعة، صاحب (عيون الأنباء في طبقات الأطباء)، ودرس معه الطب على ابن دخوار [6]، ثم مارسا الطب في المستشفى الناصري لسنوات.[7] وقد درس ابن النفيس أيضا الفقه واللغة والمنطق والأدب.
سافر ابن النفيس من دمشق إلى مصر ليمارس الطب في المستشفى الناصري، ثم انتقل ليعمل في المستشفى المنصوري الذي أنشأه السلطان قلاوون. هناك أصبح عميدا للأطباء. كما أصبح لشهرته طبيب السلطان بيبرس في ذلك الوقت. وكان مجلسه مفتوحا في داره ويحضره أمراء ووجهاء القاهرة وأطباؤها. كان أب النفيس أعزبا ولا أولاد له فحين بنى داره في القاهرة أغدق في بنائها، وفرش أرضها بالرخام حتى إيوانها. وقيل في وصفه أنه كان نحيفا طويل القامة أسيل الخدين. وكان ذا مروءة ومجلسه كله علم. ولم تقتصر شهرته في الطب فقط، بل كان يعد من كبار علماء عصره في اللغة، والفلسفة، والفقه، والحديث.
اشتهر ابن النفيس بين علماء دمشق والقاهرة من بعدها وعرف عنه نبوغة في الطب، وكان دائم البحث والتواصل مع علماء عصره وعمل ابن النفيس كثيرا في أبحاث الطب وجسم الإنسان والبدن ومن أشهرها اكتشافه الدورة الدموية الصغرى وشروح في الطب والمعالجة. وكان يستقبل المرضى في داره في دمشق ويقيم التجارب. واشتهر بمؤلفاته الطبية، ولا يعرف على وجه الدقة تاريخ انتقاله إلى القاهرة إلا أنه يمكن تقدير ذلك في الفترة بين عام 633هـ (1236م) وعام 636هـ (1239م) [8] وبقي حتى وفاته في القاهرة عام 687هـ [9]. وقد أوقف داره وكتبه وكل ما له على المستشفى المنصوري في القاهرة قائلًا: إن شموع العلم يجب أن تضيء بعد وفاتي[10].[11]
إسهاماته العلمية
صاغ آراءه وأفكاره العلمية واكتشافاته بلغة علمية رصينة وله في اللغة والنحو مؤلفات. وفي مجال الطب و الصيدلة عرف الدورة الدموية الصغرى والكبرى وقدم نظرية في كيفية الإبصار ودور الدماغ في الإدراك البصري وصاغ المعارف الطبية والصيدلية صياغتها التامة في كتابه الشامل وتوصل للعديد من الطرق العلاجية المبتكرة في عصره ووصل لحقائق تشريحية دقيقة في أجزاء الجسم الإنساني وصور حدود المنهج التجريبي أدق تصوير.
نبوغه في الطب
أما في الطب فكان يعد من مشاهير عصره، وله مصنفات عديدة اتصف فيها بالجرأة وحرية الرأي، إذ كان، خلافاً لعلماء عصره، يناقض أقوال ابن سينا وجالينوس عندما يظهر خطأها.
اكتشافه للدورة الدموية الصغرى
يعتبر الكشف عن الدورة الدموية الصغرى - في الرئتين - من أهم إنجازاته، حيث قال: إن الدم ينقى في الرئتين من أجل استمرار الحياة وإكساب الجسم القدرة على العمل، حيث يخرج الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين، حيث يمتزج بالهواء، ثم إلى البطين الأيسر[12]، حيث كان الرأي السائد في ذلك الوقت: أن الدم يتولد في الكبد ومنه ينتقل إلى البطين الأيمن بالقلب، ثم يسري بعد ذلك في العروق إلى مختلف أعضاء الجسم[13]. ظل اكتشاف ابن النفيس للدورة الدموية الصغرى (الرئوية) مجهولا للمعاصرين حتى عثر الدكتور محيي الدين التطاوي أثناء دراسته لتاريخ الطب العربي على مخطوط في مكتبة برلين رقمه 62243 بعنوان شرح تشريح القانون (أي قانون ابن سينا) فعني بدراسته وأعد حوله رسالة لنيل الدكتوراه من جامعة فرايبورج بألمانيا موضوعها "الدورة الدموية تبعا للقرشي" [14]. ولجهل أساتذته بالعربية أرسلوا نسخة من الرسالة للمستشرق الألماني مايرهوف (المقيم بالقاهرة وقتها) فأيد مايرهوف التطاوي [15] وأبلغ الخبر إلى المؤرخ جورج سارتون الذي نشره في آخر جزء من كتابه "مقدمة إلى تاريخ العلوم" [16].
وفاته
وعندما بلغ الثمانين من العمر مرض ستة أيام مرضاً شديداً وحاول الأطباء أن يعالجوه بالخمر وهو يقاسى عذاب المرض قائلاً: لا ألقى الله تعالى وفى جوفى شيء من الخمر ولم يطل به المرض فقد توفى في فجر يوم الجمعة الموافق(21من ذى القعده687هجرى/17من ديسمبر 1288م)
من أهم مؤلفاته
* الشامل في الصناعة الطبية أضخم موسوعة طبية يكتبها شخص واحد في التاريخ الإنساني وقد وضع مسودتها بحيث تقع في ثلاثمائة مجلد بيض منها ثمانين وتمثل هذه الموسوعة الصياغة النهائية والصياغة الأخيرة المكتملة للطب والصيدلة في الحضارة العربية الإسلامية بعد خمسة قرون من الجهود العلمية المتواصلة
* المهذب في الكحل: مكتبة الفاتيكان، [17] وهو كتاب موسوعي في الطب يشبه موسوعة (الحاوي) لأبي بكر الرازي.
* بغية الطالبين وحجة المتطببين
* بغية الفطن من علم البدن
* المختار في الأغذية: لم يذكر في أي ترجمة من تراجمه، ولكنه موجود في مكتبة برلين[17]
* الرماد
* شرح تشريح القانون: جمع فيه أجزاء التشريح المتفرقة في كتاب القانون لابن سينا وشرحها، وفيه وصف الدورة الدموية الصغرى وهو الذي بيّن أن ابن النفيس قد سبق علماء الطب إلى معرفة هذا الموضوع الخطير من الفيزيولوجيا.
* شرح فصول أبقراط: موجود في مكتبات برلين وجوتا وإلسفورد وباريس ومكتبة الإسكوريال، وتوجد نسخة في آيا صوفيا بتاريخ 678هـ، وقد طبع في إيران سنة 1298هـ[17]
* شرح تشريح جالنيوس: (آيا صوفيا 3661) إلا أن نسبته لابن النفيس ليست أكيدة[17]
* تعليق على كتاب الأوبئة لأبقراط: آيا صوفيا 3642 a[17]
* شرح مسائل حنين بن اسحاق
* شرح مفردات القانون
* كتاب موجز القانون أوالموجز في الطب: تناول كل أجزاء القانون فيما عدا التشريح ووظائف الأعضاء[17]
* تفسير العلل وأسباب الأمراض[18]
* شرح الهداية في الطب.
* شرح قانون ابن سينا.
* طريق الفصاحة في النحو
* شرح لكتاب التنبيه في فروع الشافعية لأبي اسحق إبراهيم الشيرازي
* شرح الإشارات لابن سينا في المنطق
* الرسالة الكاملية في السيرة
* 'مختصر في علم أصول الحديث
* شرح كتاب الشفاء لابن سينا: كتاب الشفاء شمل المنطق والطبيعة والفلك والحساب والعلوم الإلهية
* شرح الهداية لابن سينا في المنطق
* فاضل ابن ناطق: كتاب صغير عارض فيه رسالة حي بن يقظان.[19]
اهتمَّ ابن النفيس، شأنه شأن الكتّاب المسلمين وعلمائهم، بالعلوم الإسلامية، كالسير والأحاديث، وقد بقي من كتبه التي قيل عنها إنها كانت كثيرة، كتاب في سيرة الرسول(ص) تحت عنوان: "الرسالة الكاملية في السيرة المحمدية" وكتاب آخر في أصول الحديث تحت عنوان: "مختصر في علم أصول الحديث".
وله رسالة في علم الكلام عارض فيها كتاب أبو حيّان التوحيدي "حيّ بن يقظان"، وهذه الرسالة تحت عنوان "فاضل بن ناطق".
كما كتب ابن النفيس كتباً في الفقه، ولكنها كانت شرحاً على التنبيه للشيرازي.. غير أن المصادر التي أشارت إلى هذا الكتاب ذكرته اسماً ولم تحصل على نسخة منه للتأكد من ذلك.
ويقال إن ابن النفيس كتب في الفلسفة شرحاً لكتاب "الإشارات"، وآخر لكتاب "الهداية في الحكمة" للشيخ الأديب والرئيس ابن سينا، ونلاحظ أن معظم مؤلَّفاته كانت تصنيفاً وشرحاً للكتب الشهيرة